الأحد، 26 يونيو 2011

الفرق بين النفس والروح






النفس والروح



فى اللغه الدارجه دائما ما نخلط بين النفس والروح ، فنقول ان فلان طلعت روحه .. او روحه تشتهى كذا .. او روحه تتعذب .. او ان روحه توسوس له .. او ان روحه زهقت .. او ان روحه ضاقت واشتاقت وضجرت وملت .. وكلها تعابير خاطئه تخص النفس وليس الروح .

فالتى تخرج من بدن الميت عند الحشرجه هى نفسه وليست روحه .. يقول الملائكه فى القرآن للمجرمين
( اخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون ) 93- الانعام


والتى تذوق الموت هى النفس وليست الروح ( كل نفس ذائقة الموت ) 18- آل عمران

ونرى هنا ان النفس تذوق الموت ولكن لاتموت .. فتذوقها الموت هو رحلة خروجها من البدن ، والنفس موجوده قبل الميلاد ، وهى موجوده بطول الحياه ، وهى باقيه بعد الموت ، وعن وجود الانفس قبل ميلاد أصحابها يقول الله : انه أخذ الذريه من ظهور الاباء قبل ان تولد و أشهدها على ربوبيته حتى لا يتعلل احد انه كفر لانه وجد اباه على الكفر.

( واذا أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على انفسهم ألست بربكم قالوا بلى شهدنا ) 173- الاعراف

فذلك مشهد احضرت فيه الانفس قبل ان تلابس اجسادها بالميلاد ، فقد كان لكل نفس مشهد طالعت فيه الربوبيه .. وبهذا استقرت حقيقة الربوبيه فى فطرتنا جميعا.

ثم ان الروح لا توسوس ولا تشتهى ولا تهوى ولا تمل ولا تتعذب ولا تعانى انتكاسا .. انما تلك كلها من احوال النفس وليس الروح. يقول القرآن :

( فطوعت له نفسه قتل أخيه فقتله ) 30- المائده

( ولقد خلقنا الانسان ونعلم ما توسوس به نفسه ) 16- ق

( ونفس وما سواها فألهما فجورها وتقواها ) 7و8- الشمس

( بل سولت لكم انفسكم أمرا فصبر جميل ) 18- يوسف

( وضاقت عليهم انفسهم وظنوا ألا ملجأ من الله الا اليه ) 118- التوبه

( انما يريد الله ليعذبهم بها فى الحياة الدنيا وتزهق انفسهم ) 55- التوبه

( ومن يرغب عن ملة ابراهيم الا من سفه نفسه ) 130- البقره

( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون ) 90- الحشر

( وأحضرت الانفس الشح ) 128- النساء

( وما ابرىء نفسى ان النفس لأمارة بالسوء ) 53- يوسف

فالنفس هى المتهمه فى القرآن بالشح والفجور والوسواس ، وللنفس فى القرآن ترق و عروج ، فهى ممكن ان تتطهر وتتزكى ، فتوصف انها لوامه وملهمه ومطمئنه وراضيه ومرضيه

( يا أيتها النفس المطمئنه ارجعى الى ربك راضية مرضيه فادخلى فى عبادى وادخلى جنتى ) 27- الفجر

اما الروح فى القرآن فتذكر دائما بدرجه عاليه من التقديس والتشريف ، ولاتنسب الى الانسان وانما تأتى دائما منسوبه الى الله .. يقول الله عن مريم ( فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا ) 17- مريم
ويقول عن ادم ( فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعوا له ساجدين ) يقول ( روحى ) ولا يقول روح آدم.

فينسب ربنا الروح لنفسه دائما ( وأيدهم بروح منه ) اى من الله 22- المجادله

ويقول عن نزول القرآن ( وكذلك أوحينا اليك روحا من امرنا ) 52- الشورى

( يلقى الروح من امره على من يشاء من عباده لينذر يوم التلاق ) 15- غافر

( يلقى الروح من امره على من يشاء من عباده ) 2- النحل

فالروح دائما فى حركه من الله والى الله ولا تجرى عليها الاحوال الانسانيه ولا الصفات البشريه .. ولا يمكن ان تكون محل لشوى او هوى او شوق او عذاب .. ولهذا توصف الروح بالفاظ عاليه.

فيقول القرآن عن جبريل : انه روح القدس .. والروح الامين.

اما النفس فهى تنسب دائما الى اصحابها ( وما أصابك من مصيبه فمن نفسك ) 79- النساء

( ومن اهتدى فأنما يهتدى لنفسه ) 15- الاسراء

( وضاقت عليهم انفسهم ) 118- التوبه

( وما ابرىء نفسى ) 53- يوسف

( وكذلك سولت لى نفسى ) 96- طه

وعندما تنسب النفس الى الله فتلك هى الذات الالهيه ( ويحذركم الله نفسه ) 28- آل عمران

فالنفس الالهيه هى غيب الغيب يقول عيسى لربه يوم القيامه ( تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك ) 116- المائده

فالنفس الالهيه لا تتشابه مع النفس الانسانيه الا فى اللفظ فقط ولكناه شىء اخر البته..

( ليس كمثله شىء ) 11- الشورى

( لم يكن له كفوا احد ) 4- الاخلاص

والسؤال اذا ما نصيب كل من من الروح ؟ وما معنى ان لنا روحا وجسدا ؟ وما علاقه نفس كل منا بروحه وجسده؟

اما نصيبنا من الروح فهو النفخه التى ذكرها القرآن فى قصة خلق ادم ( انى خالق بشرا من طين فاذا سويته ونفخت فيه من روحى فقعو له ساجدين ) 71و72_ ص

وعلاقة النفس بالروح والجسد هى اشبه بعلاقه ذرة الحديد بالمجال المغتاطيسى ذى القطبين

والذى يحدث دائما للنفس هو حالة استقطاب ، اما انجذاب وهبوط الى الجسد الى حمأة الواقع وطين الغرائز والشهوات ، وهذا مايحدث للنفس الحيوانيه حينما تشاكل الطين وتجانس التراب فى كثافتها ، واما انجذاب وصعود الى الروح الى سموات المثال والقيم والاخلاق الربانيه ، وهو مايحدث للنفس حينما تشاكل الروح فى لطفها وشفافيتها .. والنفس فى حالة تذبذب طوال الحياه ما بين القطبين .

ومن هنا نفهم ان حقيقه الانسان هى ( نفسه ) ، والذى يولد ويبعث ويحاسب هو نفسه .. اما جسده وروحه مجرد فهما مجال تماما مثل الارض والسموات فى كونهما مجال حركه بالنسبه للانسان ليظهر مواهبه وملكاته.

فالنفس يمكن ان ترتقى وتتزكى حتى تشاكل الروح فتلك يقربها الله من عرشه ويقول عنا انها ستكون ( فى مقعد صدق عند مليك مقتدر ) 55- القمر

اما النفوس المظلمه التى تهبط بفجورها الى الدرك الشيطانى فهم الذين يقول عنهم ربهم يوم القيامه ( انهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون ) 15- المطففين

والروح لا مكان لها فى جنه او جحيم وانما هى نور من نور الله تنسب اليه ، وهى منه لا يجرى عليها محاسبه او معاقبه او مكافأه .. وانما هى المثل الاعلى
( ولله المثل الاعلى وهو العزيز الحكيم ) 60- النمل

( وله المثل الاعلى فى السموات والارض وهو العزيز الحكيم ) 27- الروم

وذلك عالم المثال النورانى الذى يستمد قدسيته ونورانيته من كونه من الله ومن امر الله

( ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربى وما أوتيتم من العلم الا قليلا ) صدق الله العظيم ......

مصطفى محمود رحمة الله عليه


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق